روائع مختارة | واحة الأسرة | فقه الأسرة | أحكام.. تخالف الأنثى فيها الذكر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > فقه الأسرة > أحكام.. تخالف الأنثى فيها الذكر


  أحكام.. تخالف الأنثى فيها الذكر
     عدد مرات المشاهدة: 2910        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فإن من الأصول المقررة في الشريعة أن النساء شقائق الرجال في الأحكام التكليفية قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُمُ مِّن بَعْضٍ)(آل عمران: 195)، ولكن اقتضت حكمة الله أن تكون هناك بعض الأحكام التي تخالف فيها الأنثى الذكر وسنحاول بسط هذا الموضوع وبيان ما فيه من أحكام مع الإشارة إلى العلة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً....

أما المسألة الأولى:


وهي الفرق بين بول الجارية وبول الغلام، عن أم قيس بنت محصن -رضي الله عنها: (أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله) رواه الجماعة.

وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بول الغلام الرضيع ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية)(رواه الترمذي وصححه الألباني)، قال قتادة: "وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعاً".

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي يُحنّكه فبال عليه فأتبعه الماء)(رواه البخاري، وكذلك أحمد وابن ماجه وزاد "ولم يغسله")، ولمسلم (كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله).

وعن أبي السمح -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام)(رواه أبو داود وصححه الألباني).

وعن أم كرز أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل)(رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

وعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: (كان الحسين بن علي رضي الله عنهما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقلت البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله قال إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر)(رواه أبو داود وصححه الألباني).

- بالنظر والتأمل في الأحاديث السابقة، نجد أنها تدل على المسائل التالية:

بول الإنسان نجس، يجب التطهر منه، سواء كان صغيراً أو كبيراً، غلاماً أو جارية، إلا أنه خفف في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، فاكتفى في تطهيره بالنضح -أي: الرش-.

التفريق بين بول الغلام وبول الجارية: يفرق بين بول الذكر والأنثى، في حالة ما لم يطعما الطعام، أما إذا أكلا الطعام أو كان غالب أكلهما من الطعام فإنه يغسل من بولهما، قال -عليه الصلاة والسلام-: (يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)(رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني)، ونقلا عن قتادة قوله:

"وهذا ما لم يطعما الطعام، فإذا طعما غسلا جميعاً"، وقال الزهري: "فمضت السنة بأن يرش بول الصبي، ويغسل بول الجارية".

قال الإمام الترمذي: "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين من بعدهم مثل أحمد وإسحاق قالوا: ينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية، وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسلا جميعاً".

قال في نيل الأوطار:

"وقد نستدل بأحاديث الباب على أن بول الصبي يخالف بول الصبية في كيفية استعمال الماء وأن مجرد النضح يكفي في تطهير بول الغلام وقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب:

الأول: الاكتفاء بالنضح في بول الصبي لا الجارية، وهو قول علي -رضي الله عنه- وعطاء والحسن والزهري وأحمد وإسحاق وابن وهب وغيرهم، وروي عن مالك، وقال أصحابه: هي رواية شاذة ورواه ابن حزم أيضاً عن أم سلمة والثوري والأوزاعي والنخعي وداود وابن وهب.

والثاني: يكفي النضح فيهما وهو مذهب الأوزاعي وحكي عن مالك والشافعي.

والثالث: هما سواء في وجوب الغسل وهو مذهب العترة والحنفية وسائر الكوفيين والمالكية.

وأحاديث الباب ترد المذهب الثاني والثالث".

قول قتادة: "وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسلا جميعا". والمراد بذلك أنه يشتهي الطعام ويتغذى به ويطلبه، وليس المراد أنه يأكل ما يوضع في فمه.

قال في النيل: "قوله: (لم يأكل الطعام)، المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرضعه والتمر الذي يحنك به والعسل الذي يلعقه للمداواة وغير ذلك. وقيل المراد بالطعام ما عدا اللبن فقط".

قال ابن القيم رحمه الله: "إنما يزول حكم النضح إذا أكل الطعام وأراده واشتهاه تغذياً به".  انتهى من تحفة المودود بأحكام المولود ص190".

وأما تفسير النضح هو الصب دون فرك أو دعك، أو هو الرش وتدل عليه الرواية السابقة: (فدعا بماء فصب عليه)، وهذا من يسر الشريعة، فإن هذا الأمر لما عمت به البلوى خفف فيه، قاله في "شرح عمدة الأحكام ص27".

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "والنضح: أن تتبعه الماء دون فرك، أو عصر حتى يشمله كله".

فإن قيل: ما الحكمة أن بول الغلام الذي لم يطعم ينضح، ولا يغسل كبول الجارية؟

أجيب: أن الحكمة أن السنة جاءت بذلك، وكفى بها حكمة، ولهذا لما سئلت عائشة -رضي الله عنها-: "ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تؤمر بقضاء الصلاة قالت كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، ومع ذلك التمس بعض العلماء الحكمة في التفريق بين بول الغلام وبول الجارية:

قال بعضهم: الحكمة في ذلك التيسير على المكلف، لأن العادة أن الذكر يُحمل كثيراً، وبوله يخرج من ثقب ضيق، فإذا بال انتشر فمع كثرة حمله ورشاش بوله يكون فيه مشقة، فخفف فيه.

وظاهر كلام الحنابلة أن التفريق بين بول الغلام والجارية أمر تعبدي.

هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة والله أعلم.

الكاتب: محمد القاضي

المصدر: موقع صوت السلف